وفد من أطباء "كليفلاند كلينيك" بأمريكا يعرض في دبي مستجدات مهمة أمام "الصحة العربي" قضايا صحية وأمراض غير مشخصة تواجه المنطقة
وكان خمسة وعشرون من كبار الأطباء العاملين في مركز "كليفلاند كلينيك" الطبي بالولايات المتحدة، قدِموا إلى دبي هذا الأسبوع للمشاركة في فعاليات معرض ومؤتمر الصحة العربي، وطرح خبراتهم ورُؤاهم بشأن أفضل الممارسات المتعلقة بمجموعة الأمراض المنتشرة في هذه المنطقة، أمام المؤتمر.
وقال الأطباء إن كثيراً من الأمراض والحالات الصحية التي تصيب القلب والرئتين والكليتين والكبد تظل مفتقرة إلى التشخيص السليم والكافي في المنطقة، على الرغم من التطورات الحاصلة في التشخيص والعلاج التي أصبحت متاحة في مناطق أخرى من العالم.
الأولوية لأمراض القلب والأوعية الدموية
وقال الدكتور راوي ناير، أخصائي أمراض القلب في مركز "كليفلاند كلينيك"، إن دولة الإمارات والمنطقة "تواجه مشاكل صحية خطرة يصل بعضها إلى مستويات حرجة في الوقت الراهن"، مشيراً إلى أن تبسيط نمط الحياة والتخفيف من وطأة المتطلبات المعيشية لسكان المنطقة "من العوامل المهمة للحد من الإصابة بهذه الأمراض، وتخفيف العبء الملقى على القلب". ودعا الدكتور ناير، الذي يدير جلسات حوارية ضمن مؤتمر الشرق الأوسط الثامن للأمراض والتدخلات الجراحية القلبية الوعائية، المنعقد على هامش معرض ومؤتمر الصحة العربي، دعا إلى ممارسة المزيد من التمارين الرياضية، والإقلاع عن التدخين، واتباع نظام غذائي صحي، موضحاً أنه قد ثبُت أثر هذه الخطوات في تحسين صحة القلب.
ويُشار إلى أن 41 بالمئة من سكان دولة الإمارات، الذين تبلغ أعمارهم الثلاثين عاماً فما فوق، يعانون من ارتفاع ضغط الدم، وهي نسبة تفوق بكثير المتوسط العالمي الذي يتراوح ما بين 25 و30 بالمئة، وفقاً لأحدث البيانات الصادرة عن منظمة الصحة العالمية، والتي حذرت من أن نسبة انتشار هذا المرض في الدولة ستتضاعف إلى ما بين 50 و60 بالمئة بحلول العام 2025.
وتعتبر أمراض القلب والأوعية الدموية من المضاعفات الخطرة لمرض السكري، والسبب الرئيسي للوفاة المبكرة بين الذين يعانون من هذا المرض. وتشير أرقام الجمعية الأمريكية للسكري إلى أن نحو 65 بالمئة من مرضى السكري يموتون من أمراض القلب والسكتة الدماغية.
ارتفاع معدل انتشار مرض الكبد الدهني بين مرضى السكري بالمنطقة
تشير تقارير الاتحاد الدولي للسكري إلى أن منطقة الشرق الأوسط وإفريقيا، التي تشهد أعلى معدل لانتشار مرض السكري في العالم، تعاني مما يمكن اعتباره "وباءً عالمياً"، إذ تقول التقديرات إن ما يصل إلى 68 مليون شخص في المنطقة سيصبحون مصابين بالسكري بحلول العام 2035. وكان هذا المرض قد أودى بحياة 363 ألف شخص في المنطقة في العام 2014، تقل أعمار نصفهم عن 60 عاماً.
من جانب آخر، نجد أن مرض الكبد الدهني قد أصبح مشكلة متنامية ترتبط بالسمنة ومرض السكري، بل إن هذا المرض بات السبب الأكثر شيوعاً للمرضى الباحثين عن مساعدة من أخصائيّي الكبد. وفي هذا السياق قال الدكتور وليام كاري، كبير أخصائيي أمراض الدم في معهد أمراض الجهاز الهضمي بمركز "كليفلاند كلينيك"، إن البيانات تشير إلى أن أكثر من 60 بالمئة من مرضى السكري الذين تمّ فحصهم في عيادة السكري مصابون بمرض الكبد الدهني.
وأضاف: "مرض الكبد الدهني هو المصطلح الذي نستخدمه لوصف الحالة التي تسبب تراكم الدهون داخل الكبد. وبالرغم من أن المقادير الضئيلة من الدهون في خلايا الكبد لا تسبب أية مشاكل لمعظم الناس، فهي قد تتسبب بمشاكل صحية خطرة لآخرين، مثل تليّف الكبد والفشل الكبدي وسرطان الكبد. ويمثل الكبد الدهني مشكلة إضافية خطرة للمرضى الذين لديهم بالفعل عوامل عالية الخطورة للإصابة بأمراض القلب والأوعية الدموية، مثل السمنة أو السكري من النوع الثاني".
وأكّد الدكتور كاري، الذي يشارك في أربعة مؤتمرات تتناول صحة الجهاز الهضمي، مقامة على هامش مؤتمر الصحة العربي، أن هذه المنطقة "سوف تستمر في تشخيص الكبد الدهني من دون تدخل طبي فوري لعلاجه، نظراً لحجم الانتشار الواسع للسمنة والسكري".
أثر شديد لضعف تشخيص التليف الكيسي في المنطقة
يظّل مرض التليف الكيسي الوراثي أحد أكثر الأمراض القاتلة شيوعاً بين المنتمين إلى العرق القوقازي، ولكنه يُعتبر، خطأ، منذ فترة طويلة، مرضاً نادر الحدوث بين العرب. وكانت دراسة حديثة أجريت في جامعة القاهرة بيّنت أن كثيراً من المرضى المصابين بالتليف الكيسي تم تشخيصهم خطأ كمصابين بأمراض أخرى مثل الالتهاب الرئوي والربو والاضطرابات الهضمية.
من جانبه، دعا الدكتور نيثان كريناك، من مركز الطب الرئوي للأطفال بمركز "كليفلاند كلينيك" في ولاية أوهايو، إلى إيلاء التوعية بمرض التليف الكيسي الوراثي مزيداً من الأهمية في منطقة الشرق الأوسط، نظراً إلى انتشار ثقافة الزواج من الأقارب، وقال: "تشير الأبحاث إلى أن أكثر من نصف حالات الزواج في الشرق الأوسط تتمّ بين أبناء عمومة من الدرجة الأولى أو الثانية، وهو ما يستتبع انتشاراً أكبر للمرض في هذه المنطقة".
وأضاف الدكتور كريناك، الذي يعرض مستجدات تتعلق بمرض التليف الكيسي خلال مشاركته في مؤتمر الشرق الأوسط التاسع لطب الأطفال، المنعقد على هامش معرض ومؤتمر الصحة العربي: "من الضروري إجراء كشف مبكر عن هذا المرض، لأنه إذا لم يتم اكتشافه في الوقت المناسب فإنه سوف يمهد الطريق للإصابة بأمراض أكثر خطورة قد تؤدي إلى الوفاة".
الطباعة ثلاثية الأبعاد تحدث نقلة نوعية في الرعاية الصحية
بدأت الطباعة ثلاثية الأبعاد تترك أثراً غير مسبوق في مجال الرعاية الصحية، حتى أصبحت الشركات تسعى إلى طباعة أعضاء كاملة وعاملة، دون الاكتفاء بالحصول على نماذج تساعد في القيام بالإجراءات الطبية.
بدوره، قال الدكتور نزار زين، رئيس قسم أمراض الكبد رئيس الخدمات العالمية للمرضى لدى "كليفلاند كلينيك"، إن قطاع الرعاية الصحية في المنطقة شرع في استخدام الطباعة ثلاثية الأبعاد بنجاح، حتى بدأت في إحداث ثورة فيه