ذبابة لقيطة
تزعجنا كثيراً الحشرات الطائرة فيمكن أن تعكر صفو يومنا بأكمله لو إقتحمت منزلنا واحدة فقط منهم..
تظل تلاحقنا أينما نذهب وتحوم حولنا وكأنها تبحث عن أهلها وكأن لا ملجأ لها سوانا.. ونظن أنها تستهدفنا وكل ما تصبو إليه هو قلب حالتنا و نجد أنفسنا نحن أيضاً نلاحقها ومن يصور هذا المشهد قد يصيبه ضحك هستيري...
ماهذا الصراع بين ذبابة و إنسان وقد يعلو صوتنا أثناء مطاردتها لنتخلص منها ونغلق سريعاً النافذة في حال التأكد بأنها ليست موجودة وقد تخلصنا منها بالفعل..
وأحياناً نضطر لغلق النافذة وحرمان أنفسنا من نسمة هواء عليل فقط خوفاً من ذبابة و هناك من يضع شبك دقيق الفتحات فتقل فرص استمتاعه بدفعات الهواء ..
ماذا لو تسربت تلك الذبابة لداخل عقولنا وأنفسنا ؟
بالفعــــل ..! هناك ذبابة تفعل كل ذلك من آن لآخر وتلاحق حماسنا ونشاطنا وأهدافنا وكل منفذ من منافذ الحياة...
إنها " الفكرة السلبية " ذبابة النفس .. تدمر كل جميل
مكانها العقل الخاوي فهي تستمتع فيه جداً بالحركة والتكاثر.. تربتها النفس الشريرة الغير قادرة ع التسامح.. ملجأها قلوب غير راضية..
وليس معنى هذا أنها لن تأتي لمن هم غير ذلك بل بالعكس تأتي كثيراً للجميع ولكن تتكاثر مع البعض وتموت مع الآخـــر ..
كلما هاجمتنا ذبابة يجب..
أولاً : أن نعترف أن هناك حشرة صغيرة يمكن أن تنغص لحظاتنا ونتعامل مع هذا الإعتراف ..
ثم نذكر أنفسنها بكينونتها وحجمها ونرفع صوتنا لنسمع اسمها الحقيقي.. ( ذبابة) ولا نتجاهل الأمر ونغمض أعيننا عنها ونعيش معها و نتوهم كبر حجمها أكثر مما ينبغي ..
وبعد التركيز ع التخلص منها ولا تنسى التأكيد ع أنها ليست أكثر من ذبابة ومعرفة حجمها الحقيقي وتسميتها بإسمها والاعتراف بأنها مصدر كل هذا التشويش الذي لا ينبع من داخلي كما أتصور .. ثم محاصرتها مع ترك جزء يسير من النافذة مفتوح..
الذبابة عمرها قصير لا يتعدى بضعة أيام ويمكنك أيضا أن تحولها لـ ( ذبابة مايو) ذات عمر اليوم الواحد..
إما أن نتطاردها أو نضع الشبك لنحد من حجم الأفكار الدخيلة وهذا سيحرمنا بالطبع من التمتع بهذا الخليط المحيط الذي قد يحمل في طياته فرصاً لأفكار إيجابية..
تهاجمنا الأفكار السلبية كلما اتسعت مساحة فراغنا وعندما نتركها نجدها تقترب من بعضها البعض لتكون شبكة عنقودية من المشكلات المركبة وحينها لا نعرف كيفية التعامل معها..
فنجد البعض يصف حاله فيقول أشعر بضيق ولكن لا أعرف من ماذا..
الحالة المزاجية وصفاء الذهن ليسوا بأصحاب منزل ولكنهم ضيوف يمكننا استقابلهم كثيراً ويمكننا هجرهم و نسيان مودتهم و وصالهم ..
يتوقف هذا على ترتيبي لمنزلي كلما كان مهيأ وهادئ كلما كثرت زيارتهم لي...
افتح نافذتك كل صباح و واملأ نفسك وروحك بـ عبير الوجود فمازلت هنا ع أرضها تنعم بها خذ منها ما يكفيك ولا تفكر ماذا يخبئ لك الغد ..
عطر أجوائك الداخلية وأزح الغبار عنها ولا تخف من ترك النافذة فالحشرات الطائرة لا تدخل منزلاً جميلاً نقياً..
تجول في أنحائه ولا تجلس في مكان واحد و إن وجدت أجنحة الذبابة الصغيرة تُحلق من بعيد فـ انهض ع فورك و غير مكانك أو وضعيتك فالحركة الصغيرة ستخيفها وتذهبها بعيداً عنك..
اجتهد في أعمالك فركضك وراء إنجازها سيقطع الهالة المحيطة بكل مالاتروق له نفسك ..
لا تنسى أن تُجمل مزهريتك ببعضاً من الأهداف ولا تستصغر حجمها فزهرة الليلك من أجمل الزهور ..
استعذب الكلمات التي تقرر أن تسمعها لتنطق ما تتمناه أن يعود إليك ...